الشاعر : أحمد مطر
الطبعة الأولى : نوفمبر 1984
في كل مرة أقرأ فيها ديوانا لأحمد مطر يتبين لي أكثر لماذا أنا من عشاق شعره. شعر أحمد مطر متمرد و مقاوم، شعر يقاوم الجمود و الذل و الاستسلام الذي يعيشه العرب. شعر عميق يعبر عن نبض الشارع و مشاعر كل عربي بكل إبداع و تميز. شعر ثوري يتحدى كل القيود و الحواجز. شعر يبكيك و يضحكك في نفس الوقت. يضحكك بصوره و تعابيره الساخرة و يبكيك على الوضع المخزي الذي وصلنا إليه. ببساطة، هو شعر كان سببا في نفيه من بلده و بقائه مطاردا طول حياته. و بالرغم من تحفظاتي على بعض قصائده خصوصا عندما يتطرق لبعض مفاهيم الدين، إلا أن هذا الشاعر يذكرني دوما أن الشعر قد يتجاوز أسواق عكاظ و جلسات الأنس و اللهو ليزلزل العالم بكلماته الجريئة و يقدم رسالة سامية و يكون ذا تأثير قوي.
يستهل الشاعر ديوانه بهذه الأبيات :
سبعون طعنة هنا موصولة النزفتبدي ولا تخفيتغتال خوف الموت في الخوفسميتها قصائديو سمها يا قارئي حتفيو سمني منتحرا بخنجر الحرفلأنني في زمن الزيفو العيش بالمزمار و الدفكشفت صدري دفتراو فوقهكتبت هذا الشعر بالسيف
و في ما يلي بعض القصائد التي أعجبتني.
على باب الشعر
حين وقفت بباب الشعرفتش أحلامي الحراسأمروني أن أخلع رأسيوأريق بقايا الإحساسثم دعوني أن أكتب شعرا للناسفخلعت نعالي بالبابوقلتخلعت الأخطر يا حراسهذا النعل يدوسولكن هذا الرأس يداس
عزف على القانون
يشتمنيويدعي أن سكوتي معلن عن ضعفهيلطمنيويدعي أن فمي قام بلطم كفهيطعننيويدعي أن دمي لوث حد سيفهفأخرج القانون من متحفهوأمسح الغبار عن جـبـيـنـهأطلب بعض عطفهلكنه يهرب نحو قاتليوينحني في صفهيقول حبري و دمي :" لا تندهشمن يملك القانون في أوطانناهو الذي يملك حق عزفه "
شطرنج
…منذ ثلاثين سنةنسخر من عدونا لشركهونحن نحيي وثنهونشجب الإكثار من سلاحهونحن نعطي ثمنهفإن تكن سبعا عجائب الدنىفنحن صرنا الثامنةبعد ثلاثين سنة
حكاية عباس
عباس وراء المتراسيقظ منتبه حساسمنذ سنين الفتح يلمع سيفهويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفهبلع السارق ضفةقلب عباس القرطاسضرب الأخماس بأسداس)بقيت ضفة(لملم عباس ذخيرته والمتراسومضى يصقل سيفهعبر اللص إليه، وحل ببيته)أصبح ضيفه(قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفهصرخت زوجة عباس:" أبناؤك قتلى، عباسضيفك راودني، عباسقم أنقذني يا عباس"عباس ــ اليقظ الحساس ــ منتبه لم يسمع شيئا)زوجته تغتاب الناس(صرخت زوجته : "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا"قلب عباس القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداسأرسل برقية تهديد- فلمن تصقل سيفك يا عباس؟) -لوقت الشدة(- إذا ، اصقل سيفك يا عباس
قلم
جسَّ الطبيبُ خافقـيوقـالَ لي :هلْ ها هُنـا الألَـمْ ؟قُلتُ له: نعَـمْفَشـقَّ بالمِشـرَطِ جيبَ معطَفـيوأخـرَجَ القَلَــمْ!**هَـزَّ الطّبيبُ رأسَـهُ .. ومالَ و ابتَسـمْوَقالَ لـي :ليسَ سـوى قَلَـمْفقُلتُ : لا يا سَيّـديهـذا يَـدٌ .. وَفَـمْرَصـاصــةٌ .. وَدَمْوَتُهمـةٌ سـافِرةٌ .. تَمشي بِلا قَـدَمْ !
قمم باردة
قمّةٌ أخرى ..وفي الوادي جياعٌ تتنهَّدْقمّةٌ أخرى ..وقَعْرُ السهلِ أَجْرَدْقِمَّةٌ أعلى .. وأَبْرَدْيا مُحَمَّدْيا مُحَمَّدْيا مُحَمَّدْابعثِ الدفءَفقد كادَ لنا عُزَّى ..وكِدنا نتجَمَّد !
أصنام البشر
يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذرمالي يد في ما جرى فالأمر ما أمرواوأنا ضعيف ليس لي أثرعار علي السمع و البصروأنا بسيف الحرف أنتحروأنا اللهيب وقادتي المطرفمتى سأستعر ؟لو أن أرباب الحمى حجرلحملت فأسا فوقها القدرهوجاء لا تبقي ولا تذرلكنما أصنامنا بشرالغدر منهم خائف حذروالمكر يشكو الضعف إن مكروافالحرب أغنية يجن بلحنها الوتروالسلم مختصرساق على ساقوأقداح يعر ش فوقها الخدروموائد من حولها بقرويكون مؤتمرهزي إليك بجذع مؤتمريساقط حولك الهذرعاش اللهيب ويسقط المطر
قومي احبلي ثانية
فصيحنا ببغاءقوينا مومياءذكينا يشمت فيه الغباءووضعنا يضحك منه البكاءتسممت أنفاسنا حتى نسينا الهواءوامتزج الخزي بنا حتى كرهنا الحياءيا أرضنا، يا مهبط الأنبياءقد كان يكفي واحد لو لم نكن أغبياءيا أرضناضاع رجاء الرجاءفينا ومات الإباءيا أرضنالا تطلبي من ذلنا كبرياءقومي احبلي ثانيةوكشفي عن رجل لهؤلاء النساء
تساؤلات
كيف سندخل حربا هذي المرة
ما دامت أمتنا الحرة
تنجب عشرة أبطال
كي نقتل منهم عشرة؟
كيف سنجني ثمرا
و البذرة ما زالت بذرة؟
كيف سنجني شهدا
و البذرة في يدنا مرة؟
يا وعد الله ... يا نصره
كيف ستسلم هذه الجرة ..
ما دام الإنسان لدينا
يولد يحمل قبره؟؟
آمال