الكاتب : عبد الكريم بكار
دار النشر : الإسلام اليوم
عدد الصفحات : 193 صفحة
الأفكار الرئيسية
إن أمة الإسلام لا تملك الكثير من الإمكانات المادية و الثروات، و لا الكثير من التقدم التقني، لكنها تملك شيئين مهمين: المنهج الرباني الأقوم، ثم الثروات البشرية المتزايدة
في
هذا الكتاب ينطلق المؤلف من الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأمة فردا و أسرة و مجتمعا، حيث تتحكم الماديات في إرادة الإنسان و تتلاعب
به كثرة المغريات، و تطغى فيه المصلحة الفردية على العلاقات الاجتماعية، ويقرر أن الحل
الأمثل يكمن في توجيه هذه الطاقات البشرية
المتزايدة و تأطيرها من خلال اتباع المنهج الرباني، كما يؤكد أنه على المسلم أن يساير
التطورات السريعة و يواجه تحدياتها الكبيرة و ذلك من خلال اكتشاف ذاته و العمل على تطويرها و الرقي بها من أجل القيام
بدوره الذي اختاره له عز و جل و هي الخلافة.
كل فقرات الكتاب هي عبارة عن مداخل و إضاءات لمحاور عديدة يرى المؤلف
أنها محاور تتصل بتكوين الذات، و في كل محور بعد أن يشرح بعده و أهميته يعطي
جدولين من المؤشرات التي تساعد القارئ على تقييم ذاته على الصعيد المعرفي النظري، و
أيضا على الصعيد التطبيقي العملي.
فيما
سيأتي سأحاول أن ألخص الإضاءات التي قدمها الكاتب بالنسبة لكل محور، و على من يريد
تقييم ذاته من خلال هذه المحاور أن يعود إلى الجداول فهي تثير أسئلة مهمة جدا من شأنها
أن تلفت انتباهنا إلى مسائل جوهرية في نفوسنا و حياتنا.
1. الوعي الذاتي
الجهل هو أخطر مشكلة يواجهها الإنسان على مدار التاريخ، و المشكلة الكبرى: أن يكون المرء جاهلا بأنه جاهل، فيدعي المعرفة دون أن يكتسبها.
الذي
عرف نفسه عرف ربه و عرف الناس من حوله، و بالتالي هيأه هذا للسيطرة على ذاته و توجيهها
لما يخدمها و يخدم مجتمعه و يرضي ربه. إن من أفضل الاستثمارات تلك التي يقوم بها الشخص
من أجل اكتشاف ذاته و تنميتها.
يؤكد
الكاتب أن الأمر ليس سهلا أبدا، لكنه أيضا ليس مستحيلا، فإمكاناتنا ما هي إلا قابليات
نفسية و عقلية، و التربية و التعليم من شأنهما أن تنميها أو تخمدها.
لذا
كان من الواجب على الفرد نفسه أن ينميها هو من خلال حقائق علمية و مبادئ و اعتقادات
راسخة لديه، و ليس التي يشيعها العرف و المجتمع، فقد تكون في كثير من الأحيان محض خرافات
و شعوذة لا تمس للعلم بصلة أو تخالف مبادئ ديننا الأصيل. إنها مسؤولية فردية ترجع إلى
كل شخص ليزيل الشوائب التي اكتسبها من التربية أو التعليم أو المجتمع، ليكتشف رسالته
و مهمته في الحياة.
2. العقيدة
و المبدأ
من الواجب على الواحد منا : أن يتعامل مع العقائد و المبادئ و القناعات الكبرى بحذر و أناة و روية، فالعقائد ليست ثيابا نلبسها و نخلعها متى ما شئنا
الرأسمال
الحقيقي للمسلم هو عقيدته الصافية و الخالية من كل الشوائب، لأن العقيدة ليست فقط إطارا
نظريا يحدد التصورات و الأفكار، بل هي التي تحدد الإطار العملي لحياتنا ككل فردا و
مجتمعا. فللعقيدة حسب الكاتب أدوار عديدة ، فهي:
- تشكل رؤية المسلم للحياة، وتبلور ردود أفعاله على الأحداث، و تساعده على استعراض الحلول للمشاكل التي يواجهها
- تجعله شجاعا، مقداما له القدرة على التغيير و التطور مع الشعور بالاطمئنان لانسجام كل تطوراته مع رؤية واحدة و غاية واحدة
- تمده بالقوة و الثقة و الصمود في وجه المحن لأن كل ما يفعله وفق إرادة الله و بتوكيل منه.
- تقدم له إطارا واضحا لتحديد أهدافه في الحياة، فما دامت بوصلته هي العقيدة فلن يضل عن وجهته، فهو يعرف الطرق المفتوحة و تلك المسدودة التي لا يجب عليه عبورها.
3. القلب و الروح
في الرؤية الإسلامية، طابع الرقي الحقيقي ليس طابعا عمرانيا، بل طابعا روحيا و أخلاقيا في المقام الأول
يرى
الكاتب أن هناك الكثير من المعاني القلبية التي غابت في حياتنا، لهذا يرى أنه من المهم
جدا أن نعيد إحياء هذه المعاني الروحية لأنها تسمو و ترتقي بالإنسان المسلم و بكل
ما يعمل، و هو في هذه الفقرة يركز على بعض المعاني القلبية التي يؤكد على أهميتها في حياة المسلم :
- النية و الإخلاص: قبول الأعمال الصالحة من قبل الله متعلقة بنية أصحابها، فإن كان العمل صالحا و النية خالصة لله عز وجل كان العمل مقبولا، حتى و إن حال بين النية و التنفيذ عائق ما فإن ثواب العمل ثابت في هذه الحالة. و قوة النية الصالحة أنها تحول المباحات إلى عبادة كالذي يأكل أو يتزوج من أجل أن يحفظ بدنه و نسله؛ أما النية الفاسدة فهي تحول العبادة إلى معصية، كالذي يقوم بالخيرات من أجل المراءاة.
- حب الله تعالى و الأنس به: على المسلم أن ينقي قلبه من كل شائبة تجعله لا يأنس بالله و لا يشتاق إلى ذكره و مناجاته كالتعلق بالدنيا و شهواتها. لأن التعلق بالله يمنح المسلم طاقة كبيرة من شأنها أن تدفعه إلى العمل الدؤوب لإعمار الأرض و نشر الخير بين الناس.
- الرضا و الشكر و الصبر: فالمسلم يرضى بكل ما وقع له، فيشكر الله عند نزول النعم و يصبر إذا ما اشتد القضاء فأمره كله خير. و هذه المعاني مما يعين المسلم على دينه و دنياه على حد سواء.
4. الجانب النفسي و
الخلقي
الجاذبية الحقيقة للمرء لا تنبع من الشكل الظاهر، و إنما من جمال الروح و صفاء النفس وحسن الخلق
الله عز وجل لا ينظر إلى أجسامنا بل إلى قلوبنا و نفوسنا،
فالجمال الحقيقي هو جمال الباطن و حسن الخلق. وكما أن المسلم يهتم بقوة جسمه لا بد
له من تقوية نفسه و تجويد أخلاقه، و في هذا الاتجاه يشير الكاتب إلى أنه نظرا لتغير
ظروف المعيشة و الحياة المادية الصاخبة فإن المسلم يتعرض لضغوط كبيرة من شأنها أن تؤثر
على أخلاقه و تضعف نفسه، و هنا ينبه إلى بعض المسائل:
- أن يراجع المسلم باستمرار أخلاقه و تأثير المجتمع عليه إن كان إيجابا أو سلبا و أن يعدل من نفسه و يجعل قدوته الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة الكرام
- التحلي بالإيجابية و التفاؤل مع الأخذ بالأسباب و التوكل على الله
- تقوية الوازع الديني و الورع
- الإحساس بالواجب و المسؤولية
- البحث عن التوازن في كل مجالات الحياة
- عدم التأثر بالمحبطين و المثبطين الذين ينشرون اليأس
5. السلوك
السلوك هو مجموعة من العادات، و الذي يحدد نوعية سلوك الواحد منا هو نوعية الأنشطة التي يقوم بها في كل يوم
في
القرآن عندما يذكر الإيمان يقرن بالعمل، فالعمل الصالح هو الدليل على صدق الإيمان،
و لهذا كان من الواجب على المسلم الحق أن يردم الهوة بين مبادئه و أفعاله. و بما أن
الأفعال ما هي إلا مجموعة عادات فإن الكاتب يقترح أن يقوم المسلم بالتخلص على الأقل
من عادة سيئة كل سنة، ليحل محلها عادات حسنة، ويشير إلى أن هناك طرق كثيرة لإنجاز ذلك،
كالربط بين العادة السيئة و نتائجها الأخروية و المستقبلية، و يؤكد أن الأمر يحتاج
إلى الصبر و المثابرة لأنه ينطوي على مشقة و معاناة. و يرى الكاتب أنه على كل مسلم
أن يجعل من نفسه قدوة في مجال من المجالات ليكون بذلك منارة تضيء حياة الآخرين.
6. الفكر
استعينوا على الكلام بالصمت و على الاستنباط بالفكر. الشافعي
يؤكد الكاتب أن بناء الذات لا بد له من أن
يأسس على بنية فكرية متينة لأن الفكر يساعدنا على إدراك ذواتنا وبيئاتنا، و الفرص المتاحة
لنا، و التحديات التي تواجهنا. و في هذا المنحى يدعونا الكاتب إلى ممارسة بعض أنواع الفكر:
- التفكير النشيط : لأنه أداة لتمحيص المعلومات، وتصنيفها، و الاستفادة منها.
- التأمل في أنفسنا و حياتنا: في مدى أدائنا لفرائضنا، و تصرفنا مع نعم الله علينا من الصحة والوقت و المال، ثم الذنوب التي نكررها حتى أصبحت إدمانا يعيق تقدمنا في الحياة
- الخيال: لأنه يمكننا من الخروج من سجن الواقع لننطلق إلى فضاء الإبداع الأوسع والأرحب
7. العلم و المعرفة
سلطان العلم هو الذي يمكن الناس من المنهج الأكثر ملاءمة لحل مشكلاتهم و لنهوضهم و تقدمهم
يذكر الكاتب بأن الإسلام هو دين العلم و المعرفة،
حيث أن أول آية نزلت في القرآن كانت هي إقرأ، بالإضافة إلى أحاديث وروايات عن الرسول
صلى الله عليه و سلم، و أثر
السلف الصالح. كما يؤكد
على ازدياد أهمية المطالعة المنظمة و الاطلاع الهادف في أيامنا الحالية نظرا لسرعة
تدفق المعلومات و التطور المكوكي للعلوم مما يزيد من سرعة تقادم المعلومات، لذلك كان
لزاما على المسلم أن يسعى لاكتساب المعرفة و استخدامها و توفير الوقت و المال لذلك.
ويشير في هذه الفقرة إلى أمرين مهمين مرتبطين
بهذا الموضوع:
- طريقة تخزين المعلومات: لا يجب أن يكون حفظ المعلومات عن ظهر قلب بل يجب أن تخزن في هيئة منهج، و بنى نماذج، وعلاقات و غيرها
- العلم و المال مترابطان في عصرنا الحالي، فكل الدول المتقدمة علميا هي دول غنية لأن العلم حسب الكاتب أمسى الطريقة الأساسية للحصول على المال.
يتبع
Rachida KHTIRA
Software engineer at the Moroccan Ministry of
Finance.
Interests: Reading, travel and social activities.
|