منذ نعومة أظفاري و أنا أسمع عن أبي القاسم الشابي و لكني لم أكن قد قرأت له إلا بعض قصائد في المدرسة و سمعت بضع أبيات من قصيدته "إرادة الحياة" التي تغنى بها الكثير و تناقلتها وسائل الإعلام خاصة بعد الثورات العربية، لذلك قررت قراءة ديوانه للتعرف أكثر على هذا الشاعر.
و هذه بعض الملاحظات التي سجلتها عن هذا الديوان:
1. ينتمي الشاعر إلى المدرسة الرومانسية، ففي قصائده نراه يعانق الطبيعة و يحاورها في محاولة منه للهروب من الواقع المرير الذي يعيشه.
2. كنت أنتظر أن أجد في الديوان قصائد تنم عن التفاؤل و الكفاح و الأمل و البهجة، و لكني في المقابل اصطدمت بأسلوب الشاعر الكئيب و المتشائم في معظم الأحيان.
3. تتناول قصائد الشابي مواضيع كثيرة، نذكر منها : الحزن، الشعر، القلب، الحب، الموت، الظلم، الشعب، الثورة... إلا أن معظم هذه المواضيع مكررة في الديوان.
4. شعر الحب عند الشابي ليس شعرا عذريا؛ فهو لا يخلو من وصف مادي و تعابير محسوسة في علاقته بالمرأة.
5. تأثر الشاعر بشعر أدباء المهجر و خروجه عن قواعد الشعر التقليدي.
6. شعر الشابي شعر فصيح و سهل في نفس الوقت، فهو يعالج قضايا كبرى و معقدة بأسلوب رومانسي سلس يخاطب الروح و الوجدان.
و في النهاية، اخترت لكم هذه الباقة التي أعجبتني من ديوان أبي القاسم الشابي، و التي تدور بالأساس حول تحسره على شعبه و على جهله و سلبيته و قبوله للظلم و عدم محاولته تغيير واقعه.
و ستلاحظون أني أدرجت قصائد بأكملها بالرغم من طولها، فقد كان من الصعب علي اقتطاع بعض الأبيات فقط لأن ذلك قد يؤدي إلى اختلال المعنى.
البؤسُ لابنِ
الشَّعبِ يأكلُ قلبَه
|
والمجدُ والإثراءُ
للأغرابِ
|
|
والشَّعب مَعصوبُ
الجفونِ مُقَسَّمٌ
|
كالشّاة بَيْنَ
الذّئب والقَصَّابِ
|
|
والحقُّ مَقطوعُ
اللّسان مُكَبَّلٌ
|
والظَّلمُ يمرح
مُذْهَبَ الجِلبابِ
|
|
هذا قليلٌ من
حياةٍ مُرّة
|
في دولة الأنْصابِ
والألقابِ
|
إرادة الحياة
إذا الشـــعبُ
يومًــا أراد الحيــاة
|
فــلا بــدّ
أن يســتجيب القــدرْ
|
|
ولا بــــدَّ
لليـــل أن ينجـــلي
|
ولا بــــدّ
للقيـــد أن ينكســـرْ
|
|
ومــن لــم
يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة
|
تبخَّـــرَ
فــي جوِّهــا واندثــرْ
|
|
فــويل لمــن
لــم تَشُــقهُ الحيـا
|
ة مــن صفْعــة
العــدَم المنتصـرْ
|
|
كـــذلك قــالت
لــيَ الكائنــاتُ
|
وحـــدثني روحُهـــا
المســـتترْ
|
|
وأعْلِــنَ
فــي الكـون: أنّ الطمـوحَ
|
لهيـــبُ الحيــاةِ,
ورُوحُ الظفَــرْ
|
|
إذا طمحـــتْ
للحيـــاةِ النفــوسُ
|
فــلا بــدّ
أنْ يســتجيبَ القــدر
|
الصيحة
يا قَوْمُ سِرتُمْ
حَثيثاً
|
خُطًى وَرَاءً
كِبارا
| |
نَبَذْتُمُ
العِلْمَ نَبْذَ ال
|
نَّوى قِلًى
وصَغارا
| |
لَبِسْتُم الجَهْلَ
ثَوْباً
|
اتَخَذْتُموهُ
شِعارا
| |
يا قَوْمُ مَا
لي أراكُمْ
|
قَطَنْتُمُ
الجَهْلَ دارا
| |
أضَعْتُمُ مَجْدَ
قَوْمٍ
|
شادوا الحَياةَ
فَخارا
| |
أبْقوا سَماءَ
المَعالي
|
بِما أضاءوا
مَنارا
| |
حاكوا لَكُمْ
ثَوْبَ عِزٍّ
|
خَلَعْتُموهُ
احتِقارا
| |
ثمَّ ارتديتم
|
لَبوسَ خِزيٍ
وعارا
| |
النبي المجهول
أيْها الشعبُ!
ليتني كنتُ حطَّاباً
|
فأهوي على الجذوعِ
بفأسي!
|
|
ليتَني كنتُ
كالسيّولِ، إذا ما سالَتْ
|
تهدُّ القبورَ:
رمْساً برمٍسِ!
|
|
ليتَني كنتُ
كالريّاح، فأطوي
|
ورودُ الرَّبيع
مِنْ كلِّ قنْس
|
|
ليتني كنتُ
كالشتاء، أُغَشِّي
|
كل ما أَذْبَلَ
الخريفُ بقرسي!
|
|
ليتَ لي قوَّة
العواصفِ، يا شعبي
|
فأُلقي إليكَ
ثَوْرةَ نفسي!
|
|
ليت لي قوة
الأعاصير! إن ضجَّتْ
|
فأدعوكَ للحياة
بنبسي!
|
|
ليت لي قوة
الأعاصيرِ..! لكْ
|
أنتَ حيٌّ،
يقضي الحياة برمسِ..!
|
|
أنتَ روحٌ غَبِيَّة
، تكره النّور،
|
وتقضي الدهور
في ليل مَلْس...
|
|
أنتَ لا تدركُ
الحقائقَ إن طافتْ
|
حواليكَ دون
مسّ وجسِ...
|
غرفة
من
يم
ضعفُ العزيمة
لَحْدٌ، في سكينَتهِ
|
تقْضِي الحياة،
بَنَاهُ اليأسُ والوجَلُ
|
|
وفِي العَزِيمَة
قُوَّاتٌ، مُسَخَّرَة
|
يخِرّ دونَ
مَداها اليأسُ والوجَلُ
|
|
والنّاسُ شَخْصان:
ذا يسْعى به قَدَمٌ
|
من القُنوطِ،
وذا يسعَى به الأملُ
|
|
هذا إلى الموتِ،
والأجداثُ ساخرة،
|
وَذَا إلى المَجْدِ،
والدُّنْيَا لَهُ خَوَلُ
|
|
ما كلُّ فعل
يُجِلُّ النَّاسُ فَاعلَه
|
مجداً، فإنَّ
الورى في رأَيِهم خطَلُ
|
|
ففي التماجد
تمويهٌ، وشعْوذَةٌ،
|
وَفِي الحَقِيقَة
مَا لا يُدْرِكُ الدَّجِلُ
|
|
مَا المَجْدُ
إلا ابتِسَامَاتٌ يَفِيضُ بها
|
فمُ الزمانْ،
إذا ما انسدَّتِ الحِيَلُ
|
|
وليسَ بالمَجدْ
ما تشْقى الحياةُ به
|
فَيَحْسُدُ
اليَوْمُ أمْساً، ضَمَّهُ الأَزَلُ
|
|
فما الحروبُ
سوى وحْشيَّةٍ، نهضَتْ
|
في أنفُسِ النّاسِ
فانقادَتْ لها الدّولُ
|
|
وأيقظتْ في
قلوبِ النّاسِ عاصفةً
|
غامَ الوجودُ
لها، واربْدَّت السُّبُلُ
|
|
فَالدَّهْرُ
مُنْتَعِلٌ بالنَّارِ، مُلْتَحِفٌ
|
بالهوْلِ، والويْلِ،
والأيامُ تَشْتَعِلُ
|
|
وَالأَرْضُ
دَاميةٌ، بالإثْمِ طَامِيَةٌ،
|
وَمَارِدُ الشَّرِّ
في أَرْجَائِهَا ثَمِلُ
|
|
والموْتُ كالماردِ
الجبَّارِ، منتصِبٌ
|
فِي الأرضِ،
يَخْطُفُ مَنْ قَدْ خَانَهُ الأَجَلْ
|
|
وَفِي المَهَامِهِ
أشلاءٌ، مُمَزَّقَةٌ
|
تَتْلُو على
القَفْرِ شِعْراً، لَيْسَ يُنْتَحَلُ
|
إلى الشعب
أينَ يا
شعبُ قلبُكَ الخَافقُ الحسَّاسُ؟
|
أينَ
الطُّموحُ، والأَحْلامُ؟
|
|
أين يا
شعبُ، رُوحُك الشَّاعرُ الفنَّانُ
|
أينَ،
الخيالُ والالهامُ؟
|
|
أين يا
شعبُ، فنُّك السَّاحرُ الخلاّقُ؟
|
أينَ
الرُّسومُ والأَنغامُ؟
|
|
إنَّ يمَّ
الحياة ِ يَدوي حوالَيْكَ
|
فأينَ
المُغامِرُ، المِقْدَامُ
|
|
أينَ
عَزْمُ الحياة ِ؟ لا شيءَ إلاّ
|
الموتُ،
والصَّمتُ، والأسى ، والظلامُ
|
|
عُمُرٌ
مَيِّتٌ، وَقَلْبٌ خَواءٌ
|
ودمٌ، لا
تثيره الآلامُ
|
|
وحياة ٌ،
تنامُ في ظلمة ِ الوادي
|
وتنْمو من
فوقِها الأوهام
|
|
أيُّ عيشٍ
هذا، وأيُّ حياة ٍ؟!
|
رُبَّ
عَيْشٍ أخَفُّ منه الحِمَام
|
|
قد مشتْ
حولَك الفصولُ وغَنَّتْكَ
|
فلم
تبتهِجْ، ولمْ تترنَّمْ
|
|
ودَوَتْ
فوقَك العواصِفُ والأنواءُ
|
حَتَّ
أَوشَكْتَ أن تتحطَّمْ
|
|
وأطافَتْ
بكَ الوُحوشُ وناشتْك
|
فلم تضطرب،
ولم تتألمْ
|
|
يا إلهي! أما تحسُّ؟
أَمَا تشدو؟
|
أما تشتكي؟
أما تتكلَّمْ؟
|
|
ملَّ نهرُ
الزّمانِ أيَّامَكَ الموتَى
|
وأنقاضَ
عُمرِكَ المتهدِّمْ
|
|
أنتَ لا
ميِّتٌ فيبلَى ، ولا حيٌّ
|
فيمشي، بل
كائنٌ، ليس يُفْهَمْ
|
|
أبداً
يرمقُ الفراغَ بطرفٍ
|
جامدٍ، لا
يرى العوالِمَ، مُظْلِمْ
|
|
أيُّ
سِحْرٌ دهاكَ! هل أنتَ مسحورٌ
|
شقيٌّ؟ أو
ماردٌ، يتهكَّمْ؟
|
|
آه! بل أنتَ في
الشُّعوب عجوزٌ،
|
فيلسوفً،
مُحطَّمٌ في إهابِهْ
|
|
ماتَ شوقُ
الشبابِ في قلبِه الذاوي،
|
وعزمُ
الحياة ِ في أعصابِهْ
|
|
فمضى
يَنْشُدُ السَّلامَ..، بعيداً..
|
||
وهناكَ.. اصطفى
البقاءَ مع الأموات،
|
في قبرِ
أمسِه غيرَ آبِهْ...
|
|
وارتضى
القبرَ مسكناً، تتلاشى
|
فيه
أيَّامُ عُمرِهِ المتشابِهْ
|
|
وتناسى
الحياة َ، والزّمَنَ الدّاوي
|
وما كان
منْ قديمِ رِغَابِهْ
|
|
واعبدِ
الأمسَ وادَّكِرْ صُوَرَ الماضِي
|
فدُنْيَا
العجوزِ ذكري شبابِهْ...
|
|
وإذا
مرَّتِ الحياة ُ حوالَيْكَ
|
جميلاً،
كالزّهر غضَّا صِباها
|
|
تتغنّى
الحياة بالشوق والعزم
|
فيحْي قلبَ
الجمادِ غِنَاها
|
|
والربيعُ
الجميلُ يرقصُ فوقَ
|
الوردِ،
والعشبِ، مُنْشِداً، تيَّاهاً
|
|
ومشَى
النّاسُ خلفَها، يتَمَلوْنَ
|
جمالَ
الوجودِ في مرآها
|
|
فاحذرِ
السِّحْرَ! أيُّها النَّاسكُ القِدِّيسُ
|
||
والربيعُ
الفَنَّانُ شاعِرُها المفتونُ
|
يُغْرِي
بحبِّها وهواها
|
|
وَتَمَلَّ
الجمالَ في رِممِ الموتَى ..!
|
بعيداً عن
سِحْرِهَا وَصَدَاها
|
|
وَتَغَزَّلْ
بسِحْرِ أيَّامِكَ الأولى
|
وخَلِّ
الحياة َ تخطو خطاها
|
|
وإذا هبَّت
الطيورُ مع الفجر،
|
تُغنِّي
بينَ المروجِ الجميلهْ
|
|
وتُحَيِّي
الحياة َ، والعالَمَ الحيَّ،
|
بِصَوْتِ
المحبَّة ِ المعسولهْ
|
|
والفَراشُ
الجميلُ رَفْرَفَ في الرَّوْضِ،
|
يناجي
زهورَهُ المطلولهْ
|
|
وأفاقَ
الوجودُ للعمل المُجْدِي
|
ولِلسَّعي،
والمعاني الجليلهْ
|
|
ومشى الناس
في الشِّعاب، وفي الغاب،
|
وفوق
المسَالكِ المجهولهْ
|
|
ينشدون
الجمالَ، والنُّورَ، والأفراحَ
|
والمجدَ،
والحياة َ النبيلهْ
|
|
فاغضُضِ
الطَّرفَ في الظَّلامِ! وحاذِرْ
|
فِتْنَة َ
النُّورِ..! فهيَ رُؤْيَا مَهولَة ...
|
|
وَصَبَاحُ
الحياة ِ لا يُوقِظُ الموْتَى
|
ولا
يَرْحَمُ الجفونَ الكليلهْ
|
|
كلُّ شيءٍ
يُعَاطِفُ العالَم الحيَّ،
|
ويُذكِي
حياتَه، ويُفيدُهْ
|
|
والذي لا
يجاوِبُ الكونَ بالاحساسِ
|
عِبْءٌ على
الوجودِ، وُجُودُهُ
|
|
كُلُّ شيءٍ
يُسايرُ الزَّمنَ الماشي
|
بعزمٍ، حتى
الترابُ، ودودُهُ
|
|
كلُّ شيءٍ
ـ إلاَّكَ ـ حَيٌّ، عَطوفٌ
|
يُؤْنِسُ
الكونَ شَوْقُه، ونَشيدُهُ
|
|
فلِماذا
تعيشُ في الكون يا صَاحِ!
|
وما فيكَ
من جنًى يستفيدُهْ
|
|
لستَ يا
شيخُ للحياة ِ بأَهْلٍ
|
أنت داءٌ
يُبِيدُها وتُبِيدُهْ
|
|
أنت
قَفْرٌ، جهنَّميٌّ لَعِينٌ،
|
مُظْلِمٌ،
قَاحلٌ، مريعٌ جمودُهْ
|
|
لا ترفُّ
الحياة ُ فيه، فلا طيرَ
|
يغنّي ولا
سَحَابَ يجودُهْ
|
|
أنتَ يا
كاهنَ الظلامِ ياة ٌ
|
تعبد
الموتَ..! أنت روحٌ شقيٌّ
|
|
كافرٌ
بالحياة ِ والنُّورِ..، لا يُصغي
|
إلى الكون
قلبُه الحَجَرِيُّ
|
|
أنتَ قلبٌ،
لا شوقَ فيه ولا عزمَ
|
وهذا داءٌ
الحياة ِ الدَّوِيُّ
|
|
أنتَ دنيا،
يُظِلُّها أُفُقُ الماضي
|
وليلُ
الكآبة ِ الأَبديُّ
|
|
مات فيها
الزّمانُ، والكونُ إِلاَّ
|
أمسُها
الغابرُ، القديمُ، القَصِيُّ
|
|
والشقيُّ
الشقيُّ في الأرض قلبٌ
|
يَوْمُهُ
مَيِّتٌ، وما ضيه حيُّ
|
|
أنتَ لا
شيءَ في الوجودِ، فغادِرْهُ
|
إلى الموت فَهْوَ
عنك غَنِيُّ
|
زئير العاصفة
تُسائلني: مالي
سكتُّ، ولا أُهِبْ
|
بقومي،
وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ
|
|
وَسَيْلُ
الرَّزايا جَارفٌ، متدفّعٌ
|
عضوبٌ، وجه
الدّهر أربدُ، أقتمُ؟
|
|
سَكَتُّ،
وقد كانت قناتيَ غضَّة ً
|
تصيحُ إلى
همس النسَّيم، وتحلمُ
|
|
وقلتُ، وقد
أصغتْ إلى الرّيحِ مرّة ً
|
فجاش بها
إعصارهُ المتهزِّمُ
|
|
وقلتُ وقد
جاش القَريضُ بخاطري
|
كما جاش
صخَّابُ الأواذيِّ، أسْحَمُ:
|
|
أرى المجدَ
معصوب الجبين مُجدَّلاً
|
على حَسَكِ
الآلم، يغمرهُ الدَّمُ
|
|
وقد كان
وضَّاحَ الأساريرَ، باسماً
|
يهبُّ إلى
الجلَّى ، ولا يَتَبَرّمُ
|
|
فيا أيها
الظلمُ المصَّعرُ حدَّه
|
رويدكَ! إن الدّهر
يبني ويهدمُ
|
|
سيثارُ
للعز المحطَّم تاجه
|
رجالٌ، إذا
جاش الرِّدى فهمُ هُمُ
|
|
رجالٌ يرون
الذُلَّ عاراً وسبَّة ً
|
ولا يرهبون
الموت، والموتُ مقدمُ
|
|
وهل تعتلي
إلا نفوسٌ أبيِّة ٌ
|
تصدَّع
أغلالَ الهوانِ، وتَحطِمُ
|
إلى الطاغية
يَقُولونَ: صَوْتُ
المُسْتَذِلِّين خَافِتٌ
|
و سمع طغاة
الأرض "أطرشُ "أضخم
|
|
وفي
صَيْحَة ِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ
|
تَخُرُّ
لَهَا شُمُّ العُرُوشِ، وَتُهْدَمُ
|
|
ولعلة ُ
الحقّ الغضوضِ لها صدى ً
|
وَدَمْدَمَة الحَربِ الضَّروسِ لَهَا فمُ
|
|
إذَا
التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ
|
يُصَرِّمُ
أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ
|
|
لَكَ
الوَيْلُ يَا صَرْحَ المَظَالمِ مِنْ غَدٍ
|
إذا نهضَ
المستضعفونَ، وصمّموا!
|
|
إذا
حَطَّمَ المُسْتَعبِدُونَ قيودَهُمْ
|
وصبُّوا
حميمَ السُّخط أيَّان تعلمُ..!
|
|
أغَرّك
أنَّ الشَّعْبَ مُغْضٍ عَلَى قَذًى
|
وأنّ
الفضاءَ الرَّحبَ وسنانُ، مُظلمُ؟
|
|
ألا إنَّ
أحلام البلادِ دفينة ٌ
|
تُجَمْجِمُ
فِي أعْماقِهَا مَا تُجَمْجِمُ
|
|
ولكن سيأتي
بعد لأي نشورها
|
وينبث
اليومُ الذي يترنَّمُ
|
|
هُوَ
الحقُّ يَغْفَى .. ثُمَّ يَنْهَضُ سَاخِطاً
|
فيهدمُ ما
شادَ الظلاّمُ، ويحطمُ
|
|
غدا
الرّوع، إن هبَّ الضعيف ببأسه،
|
ستعلم من
منّا سيجرفه الدمُّ
|
|
إلى حيث
تجنى كفَّهُ بذرَ أمسهِ
|
وَمُزْدَرعُ
الأَوْجَاع لا بُدَّ يَنْدَمُ
|
|
ستجرعُ
أوصابَ الحياة ، وتنتشي
|
فَتُصْغِي
إلى الحَقِّ الذي يَتَكَلَّمُ
|
|
إذا ما
سقاك الدهرُ من كأسِهِ التي
|
قُرَارَتُها
صَابٌ مَرِيرٌ، وَعَلْقَمُ
|
|
إذا صعق
الجبّارُ تحتَ قيوده
|
يُصِيخُ
لأوجاعِ الحَياة ِ وَيَفْهَمُ!!
|
يا حماة الدين
لقدْ نامَ
أَهلُ العِلْم نوماً مغنطَساً
|
فلمْ
يسمعوا مَا رَدَّدَتْهُ العوالِمُ
|
|
ولكنَّ
صوتاً صارخاً متصاعداً
|
من
الرُّوحِ يَدري كُنْهَهُ المُتَصامِمُ
|
|
سيُوقِظُ
منهمْ كلّ منْ هوَ نائمٌ
|
ويُنطِقُ
منهمْ كلَّ من هو واجِمُ
|
|
سَكَتُّمْ
حماةَ الدِّين سَكْتَةَ واجمٍ
|
ونمْتُمْ
بمِلْءِ الجَفْنِ والسَّيلُ داهِمُ
|
|
سَكَتُّمْ
وقد شِمتم ظلاماً غُضُونُهُ
|
علائمُ
كفرٍ ثائرٍ ومعالِمُ
|
|
مواكبُ
إلحادٍ وراءَ سكوتِكُم
|
تَضُجُّ
وها إنَّ الفضاءَ مَآثِمُ
|
|
أَفيقوا
فليلُ النَّومِ ولَّى شبابُهُ
|
ولاحتْ
للألاءِ الصَّباحِ عَلائِمُ
|
|
فدونَ
ضجيجِ الفاسقين سَكينةٌ
|
هيَ الموتُ
ممَّا أَورَثَتْهُ التَّمائِمُ
|
|
عوائدُ
تُحيي في البلادِ نوائباً
|
تقُدُّ
قُوامَ الدِّين والدِّينُ قائِمُ
|
|
أَفيقوا
وهُبُّوا هَبَّةً ضَيْغَمِيَّةً
|
ولا
تحجُمُوا فالموتُ في الجبْنِ جاثِمُ
|
|
فدون
نِقابِ الصَّمتِ تنمو ملامحٌ
|
تبرقعتِ
الشّرَّ الَّذي لا يُقاوِمُ
|
|
فقدْ فَتَّ
في زَنْدِ الدِّيانَةِ معشرٌ
|
أثاروا على
الإسلامِ مَنْ قَدْ يُهاجِمُ
|
|
فو الحقِّ مَا هذي الزَّوايا وأَهلُها
|
سِوَى
مصنعٍ فيهِ تُصاغُ السَّخائِمُ
|
|
لحى اللهُ
مَنْ لمْ تَسْتَثِره حميَّةٌ
|
على دِينه
إنْ داهمتهُ العَظائِمُ
|
|
لحى اللهُ
قوماً لم يُبالوا بأَسْهُمٍ
|
يُصوِّبها
نحو الدِّيانَةِ ظَالِمُ
|
الناس
ما قدَّسَ المَثلَ
الأعلى وجمَّلَه
|
في أعيُنِ النّاسِ
إلاّ أنّه حُلُمُ!
|
|
ولو مشى فيهم
حيّاً لحطَّمه
|
قومٌ، وقالوا
بخبثٍ: «إنّهُ صنَمُ»!
|
|
لا يعبدُ النَّاسُ
إلا كلَّ منعدمٍ
|
مُمنَّعٍ، ولمنْ
حابَاهُمُ العَدَمُ!
|
|
حتَّى العَبَاقرةُ
الأفذاذُ، حُبُّهُمُ
|
يلقى الشقاءَ
وتَلقَى مجدَها الرِّمَمُ!
|
|
النَّاسُ لا
يُنْصِفُونَ الحيّ بينهمُ
|
حتّى إذا ما
توارى عنهمُ نَدِموا!
|
|
الويْل
للنَّاسِ من أَهْوائهمْ أبداً
|
يمشي الزَّمانُ
وريحُ الشَّرِّ تحتدمُ..
|
يا ابن أمي
خُلقتَ طَليقاً
كَطَيفِ النَّسيمِ
|
وحُرًّا كَنُورِ
الضُّحى في سَمَاهْ
|
|
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ
أَيْنَ اندفعتَ
|
وتشدو بما شاءَ
وَحْيُ الإِلهْ
|
|
وتَمْرَحُ بَيْنَ
وُرودِ الصَّباحِ
|
وتنعَمُ بالنُّورِ
أَنَّى تَرَاهْ
|
|
وتَمْشي كما
شِئْتَ بَيْنَ المروجِ
|
وتَقْطُفُ وَرْدَ
الرُّبى في رُبَاهْ
|
|
كذا صاغكَ اللهُ
يا ابنَ الوُجُودِ
|
وأَلْقَتْكَ
في الكونِ هذي الحيَاهْ
|
|
فما لكَ ترضَى
بذُلِّ القيودِ
|
وتَحْني لمنْ
كبَّلوكَ الجِبَاهْ
|
|
وتُسْكِتُ في
النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ
|
القويَّ إِذا
مَا تغنَّى صَدَاهْ
|
|
وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ
النَّيِّراتِ عن الفجرِ
|
والفجرُ عَذْبٌ
ضيَاهْ
|
|
وتَقْنَعُ بالعيشِ
بَيْنَ الكهوفِ
|
فأَينَ النَّشيدُ
وأينَ الإِيَاهْ
|
|
أَتخشى نشيدَ
السَّماءِ الجميلَ
|
أَتَرْهَبُ
نورَ الفضَا في ضُحَاهْ
|
|
ألا انهضْ وسِرْ
في سبيلِ الحَيَاةِ
|
فمنْ نامَ لم
تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ
|
|
ولا تخشى ممَّا
وراءَ التِّلاعِ
|
فما ثَمَّ إلاَّ
الضُّحى في صِبَاهْ
|
|
وإلاَّ رَبيعُ
الوُجُودِ الغريرُ
|
يطرِّزُ بالوردِ
ضافي رِدَاهْ
|
|
وإلاَّ أَريجُ
الزُّهُورِ الصُّبَاحِ
|
ورقصُ الأَشعَّةِ
بَيْنَ الميَاهْ
|
|
وإلاَّ حَمَامُ
المروجِ الأَنيقُ
|
يغرِّدُ منطلِقاً
في غِنَاهْ
|
|
إلى النُّورِ
فالنُّورُ عذْبٌ جميلٌ
|
إلى النُّورِ
فالنُّورُ ظِلُّ الإِلهْ
|
إلى
طغاة
العالم
ألا أيها الظَّالمُ
المستبدُ
|
حَبيبُ الظَّلامِ،
عَدوُّ الحياهْ
|
|
سَخَرْتَ بأنّاتِ
شَعْبٍ ضَعيفٍ
|
وكفُّكَ مخضوبةُ
من دِماهُ
|
|
وَسِرْتَ تُشَوِّه
سِحْرَ الوجودِ
|
وتبذرُ شوكَ
الأسى في رُباهُ
|
|
رُوَيدَكَ!
لا يخدعنْك الربيعُ
|
وصحوُ الفَضاءِ،
وضوءُ الصباحْ
|
|
ففي الأفُق
الرحب هولُ الظلام
|
وقصفُ الرُّعودِ،
وعَصْفُ الرِّياحْ
|
|
حذارِ! فتحت
الرّمادِ اللهيبُ
|
ومَن يَبْذُرِ
الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
|
|
تأملْ! هنالِكَ..
أنّى حَصَدْتَ
|
رؤوسَ الورى
، وزهورَ الأمَلْ
|
|
ورَوَيَّت بالدَّم
قَلْبَ التُّرابِ
|
وأشْربتَه الدَّمعَ،
حتَّى ثَمِلْ
|
|
سيجرفُكَ السيلُ،
سيلُ الدماء
|
ويأكلُك العاصفُ
المشتعِلْ
|
تونس الجميلة
لَسْتُ أبْكي
لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ،
|
أَوْ لِربعٍ
غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ
|
|
إنَّما عَبْرَتِي
لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ،
|
قد عَرانا،
ولم نجد من أزاحهُ
|
|
كلّما قامَ
في البلادِ خطيبٌ،
|
مُوقِظٌ شَعْبَهُ
يُرِيدُ صَلاَحَهْ
|
|
ألبسوا روحَهُ
قميصَ اضطهادٍ
|
فاتكٍ شائكٍ
يردُّ جِماحَهْ
|
|
وتوخَّوْا طرائقَ
العَسف الإِرْ
|
هَاقِ تَوًّا،
وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ
|
|
هكذا المخلصون
في كلِّ صوبٍ
|
رَشَقَاتُ الرَّدَى
إليهم مُتَاحَهْ
|
|
غيرَ أنَّا
تناوبتنا الرَّزايا
|
واستباحَتْ
حَمانا أيَّ استباحَهْ
|
|
أَنَا يَا تُوْنُسَ
الجَمِيلَةَ فِي لُجِّ
|
الهَوى قَدْ
سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ
|
|
شِرْعَتي حُبُّكِ
العَمِيقُ وإنِّي
|
قَدْ تَذَوَّقْتُ
مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ
|
|
لستُ أنصاعُ
للوَّاحي ولو مـ
|
ـتُّ وقامتْ
على شبابي المناحَةْ
|
|
لا أبالي..,
وإنْ أُريقتْ دِمائي
|
فَدِمَاءُ العُشَّاق
دَوْماً مُبَاحَهْ
|
|
وبطولِ المَدى
تُريكَ الليالي
|
صَادِقَ الحِبِّ
وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ
|
|
إنَّ ذا عَصْرُ
ظُلْمَةٍ غَيْرَ أنِّي
|
مِنْ وَرَاءِ
الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ
|
|
ضَيَّعَ الدَّهْرُ
مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ
|
سَتَرُدُّ الحَيَاةُ
يَوماً وِشَاحَهْ
|
أبناء الشيطان
أَيُّ ناسٍ
هذا الوَرَى مَا رأى
|
إلاَّ برايا
شقيَّةً مجنونَهْ
|
|
جبَّلتْها الحَيَاةُ
في ثورة اليأ
|
سِ من الشَّرِّ
كيْ تُجِنُّ جُنُونَهْ
|
|
فأَقامتْ لهُ
المعابدَ في الكو
|
نِ وصَلَّتْ
لهُ وشَادَتْ حُصُونَهْ
|
|
كم فتاةٍ جميلةٍ
مدحوها
|
وتغنَّوْا بها
لكيْ يُسْقِطوها
|
|
فإذا صانَتِ
الفَضيلَةَ عابو
|
ها وإنْ باعتِ
الخَنَا عبدوها
|
|
أَصْبَحَ الحسنُ
لعنةً تهبط الأَر
|
ضَ ليَغْوى
أَبناؤُها وذووها
|
|
وشقيٍّ طافَ
المدينَةَ يستج
|
دي ليَحْيَا
فخيَّبوه احتقارا
|
|
أيقظوا فيهِ
نزْعَةَ الشَّرِّ فانْقَضَّ
|
على النَّاسِ
فاتكاً جبَّارا
|
|
يبذُرَ الرُّعبَ
في القُلُوبِ ويُذكي
|
حيثما حلَّ
في الجوانحِ نارا
|
|
ونبيٍّ قَدْ
جاءَ للنَّاسِ بالحَقِّ
|
فكالوا لهُ
الشَّتائمَ كَيْلا
|
|
وتنادَوْا بهِ
إلى النَّارِ فالنَّا
|
رُ بِرُوحِ
الخبيثِ أَحْرى وأَوْلى
|
|
ثمَّ ألقوْهُ
في اللَّهيبِ وظلُّوا
|
يَملأون الوُجُودَ
رُعباً وهوْلا
|
|
وَشُعوبٍ ضعيفةٍ
تتلظَّى
|
في جحيمِ الآلامِ
عاماً فعاما
|
|
والقويُّ الظَّلومُ
يَعْصِرُ مِنْ
|
آلامها السُّودِ
لَذَّةً ومُدَاما
|
|
يتحسَّاهُ ضاحكاً
لا يراها
|
خُلِقَتْ في
الوُجُودِ طعاما
|
|
وفتاةً حسبتَها
معْبَدَ الحبِّ
|
فأَلفيتَ قلبَها
ماخُورا
|
|
ونبيلٍ وجدتَهُ
في ضياءِ الفَجْ
|
رِ قلباً مدَبَّساً
شرِّيرا
|
|
وزعيمٍ أجلَّهُ
النَّاسُ حتَّى
|
ظنَّ في نفسِهِ
إلهاً صغيرا
|
|
وخبيثٍ يعيشُ
كالفأسِ هدَّا
|
ماً ليُعْلي
بَيْنَ الخَرابِ بناءهْ
|
|
وقميءٍ يُطاوِلُ
الجَبَلَ العا
|
لي فللّه مَا
أَشَدَّ غَبَاءهْ
|
|
ودنيءٍ تاريخُهُ
في سِجِلِّ
|
الشَّرِّ إِفْكٌ
وقِحَّةٌ ودَنَاءهْ
|
|
كانَ ظنِّي
أنَّ النُّفوسَ كبارٌ
|
فوجدتُ النُّفوس
شيئاً حقيرا
|
|
لوَّثَتْهُ
الحَيَاةُ ثمَّ استمرَّتْ
|
تبذُرُ العالَمَ
العَريضَ شُرورا
|
|
فاحصدوا الشَّوْكَ
يا بنيها وضِجُّوا
|
و امْلأوا الأَرضَ والسَّماءَ حُبورا
|
|
ٱمال