الترجمة من الإنجليزية إلى العربية: مكتبة جرير
الطبعة الأولى: 2010
الملخص
كانت العقود القليلة الماضية ملكا لأشخاص من نوع معين، ذوي عقول من نوع معين: مبرمجي الكمبيوتر القادرين على كتابة البرامج بسرعة و تلقائية، و المحامين القادرين على صياغة العقود بدقة ومهارة، وحملة ماجستير إدارة الأعمال القادرين على معالجة الأرقام بحرفية وبراعة. ولكن مفاتيح العالم في الطريق ليمتلكها أشخاص آخرون. فالمستقبل سيكون ملكا لأشخاص من نوع مختلف تماما، ذوي عقول من نوع مختلف تماما أيضا: المبدعين، والقادرين على التعاطف، ومكتشفي الأنماط، و صانعي المعنى. إن هؤلاء الناس – الفنانين، و المخترعين، و المصممين، و القصاصين و الرواة، و مقدمي الرعاية، و المواسين و المشجعين، و من يفكرون في الصورة العامة للأمور، سوف يحصدون الآن أكبر المكاسب في المجتمع و يتشاركون أروع مباهجه.
بهذه الفقرة المثيرة
للفضول، يبتدئ المؤلف كتابه ليطرح فكرة جديدة من نوعها. حيث يؤكد على أن المهن التي
حظيت بالاهتمام و الشهرة في عقود سابقة، والتي كانت تعتمد على المنطق و التحليل، سيضمر
نجمها لتحل محلها مهن أخرى تعنى بالإبداع و التعاطف الإنساني.
الكتاب يتألف من جزئين سماهما الكاتب تباعا: "عصر الإبداع" و "الحواس الست". في الجزء الأول، يحاول المؤلف أن يبرهن على الأسباب التي تجعله يعتقد بأن عصرنا الحالي سيعتمد أساسا على المبدعين، و أناس يبحثون عن الجمال و عن التعاطف أكثر من اعتمادهم على المنطق و التحليل الخاليين من أي معنى أو قيمة إنسانية؛ أما في الجزء الثاني فهو يقدم للقارئ حسب ادعائه مجموعة من القدرات التي عليه أن يتحلى بها في زمن الإبداع إذا أراد أن ينجح و يتميز، وهي ما أطلق عليها الحواس الست.
فيما يلي تلخيص لأهم الأفكار التي وردت في الكتاب، مرتبة حسب الأجزاء و الفقرات.
الجزء الأول:عصر الإبداع
1. بزوغ فجر الجانب الأيمن من المخ
مهما كان مغريا الحديث عن كل من النصفين الكرويين للمخ بمعزل عن الآخر، إلا أنهما في الحقيقة مصممان بحيث يعملان معا بسلاسة ككل واحد متكامل. فالنصف الأيسر يعرف كيف يتعامل مع المنطق، والأيمن يعرف كيف يتعامل مع العالم. اجمع بين الاثنين، وسوف تمتلك آلة تفكير جبارة. أما إذا استخدمت أيا منهما منفردا، فقد تكون النتيجة غريبة أو سخيفة.
في هذه الفقرة، يحاول
الكاتب أن يشرح لنا تركيبة المخ وكذا مختلف وظائفه. فالمخ مركب من نصفين كرويين يقوم
كل منهما بدور في كل شيء نفعله. فبعد ثلاثة
عقود من الأبحاث توصل الباحثون إلى الحقائق الأربعة التالية:
- النصف الأيسر من المخ يتحكم في الجانب الأيمن من الجسم، و النصف الأيمن من المخ يتحكم في الجانب الأيسر من الجسم.
- نصف كرة المخ الأيسر يعالج المعلومات بطريقة تتبعية، و نصف كرة المخ الأيمن يعالج المعلومات معا في وقت واحد.
- نصف كرة المخ الأيسر متخصص في النص، و نصف كرة المخ الأيمن متخصص في السياق.
- نصف كرة المخ الأيسر يحلل التفاصيل، و نصف كرة المخ الأيمن يركب الصورة العامة.
والجانبان يعملان معا
في تناغم وانسجام. فحسب الباحثين كل الأنشطة التي يقوم بها البشر تستدعي عمل النصفين
معا و لكن بنسب متفاوتة حسب نوعية العمل. كما أن الناس يختلفون في نسبة اعتمادهم على
النصفين. فبعض الناس يفكرون بشكل منطقي وتتبعي وهم من يميلون للعمل كمهندسين ومحاسبين
ومحامين. أما آخرون فيرتاحون للتفكير بشكل شامل وحدسي كالفنانين ومقدمي النصح والرعاية.
2. الوفرة و ٱسيا و الأتمتة
في أمريكا، و في العقود الماضية، كان الآباء يحثون أبناءهم على ولوج كليات الهندسة، والطب، وإدارة الأعمال لأنها كانت تمكنهم من كسب حياة رغيدة. و هؤلاء سماهم المفكر الإداري الشهير بيتر دراكر العاملون بالمعرفة، الذين يتقاضون أجرا مقابل شهاداتهم و ليس مقابل قوة أو مهارة؛ لكن الكاتب مرة أخرى يعود ليؤكد على أن زمن العاملين بالمعرفة قد ولى لأسباب ثلاثة هي:
الوفرة
يلفت الكاتب انتباه
القارئ إلى وفرة و تنوع المنتجات التي يستهلكها الأمريكيون حاليا من لباس، و طعام،
و أثاث، و منازل، و سيارات، و التي لم تكن موجودة قبل عدة عقود. كما أن الأسواق التي
تسوق لهذه المنتجات لا تحصى و لا تعد، و هي تتنافس فيما بينها لجلب أكبر عدد من المستهلكين
بعرض متنوع لمختلف البضائع.
وحسب الكاتب فإن الإنتاج المتنوع و الوافر الذي هدفه تلبية حاجيات الناس، هو من نتائج التفكير الموجه من خلال الجانب الأيسر من المخ، المسئول عن التفكير المنطقي و التحليلي، و بالتالي فهو الموجه لعصر الصناعة و الإنتاج؛ غير أن الكاتب يؤكد أن بيع المنتج حاليا لا يتعلق فقط بكونه يلبي حاجة عند المستهلك؛ بل بسبب الوفرة و التنافسية، فإنه أصبح يتعين أن يكون المنتج جذابا و فريدا و متميزا أيضا. فإذا كان من المهم وجود مهندس لتطوير منتج ما، فإنه أصبح من الضروري لتسويق هذا المنتج، وجود مصمم مبدع و فنان، و الذي سيعتمد في عمله أكثر على الجانب الأيمن من المخ.
ٱسيا
في السنوات الأخيرة
في أمريكا، قامت الكثير من الشركات بفتح فروع لها في دول ٱسيا؛ و ذلك للتقليص من مصاريفها، من خلال توظيف مهندسين و محاسبين
و مبرمجين بأجور زهيدة. مما جعلها تقلص من عمالتها داخل أمريكا، و بالتالي ساهمت في
تراجع توظيف المهندسين و المبرمجين و المحاسبين الأمريكيين. و يستدل الكاتب على هذا
ببعض الأرقام المخيفة، فعلى سبيل المثال، كان من المتوقع أن يتم تصدير واحد من كل أربع
وظائف إلى الخارج في عام 2010. و هذا التصدير
للوظائف من شأنه أن يغير الحياة المهنية في الدول المتقدمة كأمريكا و اليابان. فالحاجة
في سوق العمل ستتجه أساسا إلى وظائف ستعتمد، حسب الكاتب، على النصف الأيمن من المخ
و تختلف عن الوظائف الروتينية التي سيتم تصديرها.
الأتمتة
في هذه الفقرة يتحدث
الكاتب عن ظاهرة الأتمتة التي انتشرت بكثافة في أمريكا في مختلف المجالات المهنية.
فقد ظهرت عدة مواقع كثيرة على الانترنت تقوم ببيع خدمات في مجال المحاسبة و المحاماة
و الاستشارة الطبية و غيرها. و هكذا و عوض أن يتوجه مثلا مواطن أمريكي إلى محامي يتقاضى
أجره بالساعة لطلب استشارة قانونية في قضية ما، فإنه يقوم بزيارة موقع من المواقع التي
أعدت لهذا السبب و يكون الثمن مقابل الخدمة أو الاستشارة زهيدا جدا بالمقارنة مع شركة
محاماة.
3. الفكر السامي واللمسة السامية
قسم الكاتب المائة و الخمسين سنة الماضية إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: مرحلة الثورة الصناعية وكانت تعتمد بالأساس على القوة الجسدية.
- المرحلة الثانية: مرحلة ثورة المعلومات، التي لعب فيها العاملون بالمعرفة دورا أساسيا، و هؤلاء يعتمدون أكثر على الجانب الأيسر من المخ.
- المرحلة الثالثة: مرحلة الإبداع، وتبدأ من القرن الواحد و العشرين، وسيقودها أناس يعملون بمخ كامل ويهتمون إلى جانب المنطق و التحليل، بالإبداع و الجمال والمعنى والتعاطف. و هو ما عبر عنه الكاتب بالفكر السامي و اللمسة السامية.
فالفكر السامي حسب الكاتب هو القدرة على خلق الجمال الفني والعاطفي، واكتشاف
الأنماط والفرص، والصياغة القصصية المقنعة، وتجميع الأفكار غير المترابطة في الظاهر
ومزجها في ابتكار جديد. أما اللمسة السامية فتتضمن القدرة على التعاطف مع الآخرين،
وإدراك دقائق التفاعل الإنساني، واكتشاف مصادر البهجة في الذات وإثارتها في الآخرين، وتجاوز
الأمور العادية سعيا وراء الغاية والمعنى.
الجزء الثاني: الحواس الست
في هذا الجزء يؤكد الكاتب
على ضرورة تكملة عمل الفكر الموجه بالجانب الأيسر من المخ، بإتقان ست قدرات موجهة بالجانب
الأيمن، وبالتالي اكتساب عقل جديد كامل للنجاح
و التميز في عصر الإبداع، أطلق عليها المؤلف اسم الحواس الست، وهي تعتمد على مبدأ الفكر
السامي و اللمسة السامية، وهي كالتالي:
1. التصميم و ليس فقط الوظيفة
"يمكن تعريف التصميم في جوهره بأنه النزعة الإنسانية الفطرية لتشكيل وصياغة بيئتنا بطرق غير مسبوقة في الطبيعة، لتلبية احتياجاتنا، وإعطاء معنى لحياتنا"
جون هيسكت - متخصص في التصميم
حسب الكاتب، يعمل المصمم
بعقل كامل، فهو يسعى إلى المنفعة والمغزى، ويضرب بعض الأمثلة على ذلك: فمثلا مصمم طاولة
ما يسهر على أن تقف بشكل سوي ومتزن، ويتحمل وزنها وهذا هو المنفعة؛ لكن في نفس الوقت
يسعى لأن تكون جذابة، وهذا هو المغزى. فالمصمم يعلم أن المنفعة أصبحت متاحة وسهلة التطبيق
بسبب التكنولوجيا، فيحاول جاهدا المنافسة في المغزى. وبالتالي لم يعد كافيا خلق شيء لأداء وظيفة معينة
فقط، بل أصبح من الضروري أن يكون تصميمه جميلا و مؤثرا.
كما أن الكاتب يؤكد على أن وظيفة التصميم ليست بالسطحية التي نظنها، إذ أنه بدأ يؤثر في حياتنا بشكل عميق. و يعطي أمثلة كثيرة في مجالات عديدة، كالصناعة و الطب والبيئة و المطبخ و السيارات والسياسة وغيرها. حيث يقوم التصميم بدور جوهري للغاية. ففي مجال الطب مثلا، أكدت بعض التجارب التي أجريت على المرضى أن تحسين المنشٱت الصحية تؤثر بشكل كبير على مدى استجابة المرضى للعلاج. كما أن التصميم أصبح ممارسا من قبل الجميع تقريبا ويؤثر في جودة أعماله: و يعطي الكاتب مثلا على هذا وهي خطوط الكتابة في الكمبيوتر التي نقوم باختيارها عند الكتابة في الوورد.
2. القصة وليس الحجة فقط
" البشر ليسوا مهيئين لفهم المنطق، وإنما لفهم القصص"روجر سي شانك - عالم معرفي
هناك اعتقاد سائد بأن الحقائق منورة والقصص مسلية؛ غير أنه حسب الكاتب القصة المسلية هي مفتاحنا لإظهار هذه
الحقائق: فالبشر منذ القدم اعتمدوا على سرد القصص للتعبير عن حياتهم، و هذا يمكن لمسه
في الرسوم على جدران المعابد و الكهوف و في المؤلفات. فالبشر مؤهل أكثر لاستيعاب القصص
على المنطق. أما في عصرنا الحالي حيث الحقائق متاحة بنقرة واحدة على الكمبيوتر، تكمن
أهمية القصة في إعادة صياغتها في قالب مسل و سهل الاستيعاب من طرف الجميع. وأصبحت القصة على غرار التصميم تؤثر في مجال الأعمال
و الطب و كذلك حياتنا الشخصية. حيث بدأ الكثير من مدراء الأعمال يتعلمون فن سرد القصص
للتأثير على موظفيهم وزبنائهم. كما أصبحت كليات الطب تعلم تلامذتها فن الإصغاء إلى
قصص مرضاهم و تحليلها و إعادة صياغتها، لفهمها بشكل أعمق، مما سيعينهم على فهم الحالة
الصحية التي هم في صدد معالجتها.
كما أنه في عصر كثرت فيه المعلومات و الآراء و الجدال، لم يعد كافيا أن تناقش أو تقنع بالحجة فقط؛ بل من الضروري أن تتقن فن الرواية لسرد الوقائع وشد الانتباه والإقناع.
3. السيمفونية و ليس التركيز فحسب
"الشخص الذي اخترع العجلة كان مغفلا، أما الذي اخترع الثلاث عجلات فكان عبقريا"
سيد سيزر
يعرف الكاتب هذه الحاسة
بكونها القدرة على تجميع الأجزاء وليس تحليلها، وعلى رؤية العلاقات بين المجالات الغير
المرتبطة ظاهريا؛ وعلى اكتشاف أنماط عامة بدلا من تقديم حلول خاصة؛ و على ابتكار شيء
جديد بتجميع عناصر لم يعتقد أحد بإمكانية اجتماعها. و يقترح الكاتب لاكتساب هذه الحاسة تعلم الرسم على طريقة "الرسم على الجانب الأيمن
من المخ" و هي طريقة تمكنك من رسم الوجوه بالتركيز على العلاقات الموجودة بين
ملامح الوجه والمساحات بينها و النور والظل والزوايا.
فكما في الرسم، من يأملون بالنجاح والتميز في عصر الإبداع لابد لهم من فهم الصلات بين المجالات المختلفة والمنفصلة في الظاهر؛ وعليهم معرفة كيفية ربط العناصر الغير متصلة ظاهريا لخلق شيء جديد. و يعلن أن القادرين على النجاح حاليا هم ثلاثة أنماط:
فكما في الرسم، من يأملون بالنجاح والتميز في عصر الإبداع لابد لهم من فهم الصلات بين المجالات المختلفة والمنفصلة في الظاهر؛ وعليهم معرفة كيفية ربط العناصر الغير متصلة ظاهريا لخلق شيء جديد. و يعلن أن القادرين على النجاح حاليا هم ثلاثة أنماط:
- عابرو الحدود: وهم أشخاص لديهم خبرة في مجالات كثيرة ومتنوعة، و يجيدون عدة لغات، ويجدون المتعة والبهجة في التنوع الثري للتجربة البشرية.
- المخترعون: وهم أشخاص يبتكرون أشياءا لم تكن معروفة و تصبح ضرورية و منتشرة رغم أنه لم تكن هناك حاجة إليها من قبل، و كل هذا من مجموعة أشياء كانت موجودة فعلا، يتم تجميعها و تقديمها لغاية معينة. ويعطي مثلا على ذلك زبدة الفول السوداني مع الشوكولاتة، التي أصبحت مشهورة في أمريكا والتي ليست سوى مزج بن زبدتين كانتا من أكثر المنتجات انتشارا أيضا و قس على ذلك.
- صانعو المجاز: المجاز هو فهم شيء من خلال شيء آخر. و في حين أن هناك من يرى أن المجاز هو نوع من الزينة اللفظية فإن الكاتب يعتقد أن المجاز مثله مثل القصة والتصميم، يستطيع أن يعبر عن حجة منطقية من خلال مجموعة من الرموز المؤثرة.
4. التعاطف و ليس المنطق
فقط
"القيادة تقوم على التعاطف، على امتلاك القدرة على الترابط و التواصل مع الناس بهدف تشجيعهم و تقويتهم في الحياة"
أوبرا وينفري
يقدم الكاتب التعاطف على أنه القدرة على تخيل نفسك في موقف شخص آخر، والإحساس
بمشاعره. وحسب الكاتب يختلف التعاطف عن العطف؛ فالعطف هو الشعور بالأسف على الأخر بسبب
موقف معين؛ غير أن التعاطف هو أكثر من ذلك فهو رؤية الموقف بعيونه والإحساس به بقلبه
هو، وليس بقلبك فقط.
ويعتبرالكاتب التعاطف ذا أهمية كبيرة في حياتنا؛ فهو يساعدنا على فهم الجوانب الأخرى من أي موضوع و عدم الاكتفاء بوجهة نظرنا، و يعيننا على كبت غيظنا في بعض المواقف و مواساة الأشخاص بحكمة ولباقة في محنهم؛ كما يبني الوعي بالذات ويساعد على العمل ضمن فريق و تربية الأبناء و الرقي بأخلاقنا.
كما أن الكاتب يؤكد أنه إذا كان التفكير المنطقي و التحليلي من ميزات البشر، فإن الذي سيميز شخصا عن آخر في عصر الإبداع هو قدرته على فهم الدوافع المحركة للبشر وتكوين العلاقات و الاهتمام بالآخرين. ويعطي أمثلة كثيرة على أهمية الدور الذي ستلعبه هذه القدرة في عدة مجالات منها السياسة والطب والرعاية وغيرها.
5. اللعب و ليس فقط الجدية
"من النادر أن ينجح الإنسان فيما يفعله إذا لم يجد متعة فيه"
شركة ساوتويست ٱيرلينز الأمريكية
يرى الكاتب أن الجدية
مطلوبة في العمل و في أوقات كثيرة من حياتنا و مواقف عدة؛ إلا أنه يؤكد على أن الإفراط
في الجدية يمكن أن يضر بالصحة النفسية والمهنية للإنسان. و لقد أكدت دراسات عديدة إلى
أهمية الضحك و اللعب في حياة الإنسان للتحرر من الضغوطات و لشحن الطاقة اللازمة للعمل
والإنتاج. فقد أصبح المزج بين العمل والمرح أكثر شيوعا في العصر الحالي، و يشكل ضرورة
أيضا للرفع من الإنتاجية، و بالتالي التنافسية في مجال الأعمال. و يعطي أمثلة على شركات
اعتمدت مبدأ المرح في عملها، فحققت نجاحا باهرا بالمقارنة مع مثيلاتها كشركة ساوتويست ٱيرلينز. و يمكن ممارسة المرح حسب الكاتب بثلاث طرق:
- اللعب: يعلن الكاتب أن الكثير من الأبحاث أظهرت أن ألعاب الفيديو تزيد من قدرة الأشخاص على تمييز التغييرات المحيطة في البيئة التي تحيط بهم، وعلى معالجة معلومات كثيرة في وقت واحد واتخاذ القرار. كما أنها أحيانا تشكل فرصة للتدرب على التفاعل مع مواقف اجتماعية أو مهنية مختلفة.
- الدعابة: تمثل الفكاهة صورة من أسمى صور الذكاء الإنساني؛ فروح الدعابة في الإدارة مثلا تقلل من العدائية، وتجنب النقد، وتخفف التوتر، وتحسن المعنويات، وتساعد على إيصال الرسائل الصعبة.
- الابتهاج: يؤكد الكاتب على أهمية الضحك لصحتنا و لحياتنا ككل. فقد أظهرت بعض الدراسات عل أن الضحك يقوي المناعة، ويقلل هرمونات التوتر، وينشط الجهاز القلبي، ويزيد من سرعة القلب، ويضخ دما أكثر للأعضاء الداخلية. و يلفت الكاتب انتباهنا إلى انتشار نوادي الضحك في العالم، و يحكي تجربته الشخصية مع أحد هذه النوادي في الهند بقيادة الطبيب د. كاتاريا.
6. المعنى و ليس التكديس
فحسب
"يملك الناس أشياء يعيشون بها، ولكنهم لا يملكون شيئا يعيشون من أجله، إن لديهم الوسائل، ولكن تنقصهم الغايات"
روبرت وليام فوجيل
يرى الكاتب أنه منذ
بداية القرن الواحد و العشرين، اجتمعت عدة ظروف جعلت الإنسان الذي يعيش في بلدان متقدمة
يسعى وراء إيجاد المعنى من الحياة ومن الأشياء. فالرفاهية التي يعيش فيها دفعته إلى
التأمل عميقا في نفسه و حياته. كما أن شبح الإرهاب الذي يهدد هذه الدول يجعل الناس
يفكرون في الموت باستمرار و بالتالي في معنى لحياتهم. ولقد أظهرت عدة استطلاعات الرأي
إلى تزايد نسبة اهتمام الناس بالأمور الروحية والمعنوية في أمريكا. ويستشهد الكاتب
على ذلك أيضا بالاحترام الذي أصبحت تتمتع به شخصية الديلي لاما في أمريكا مما يترجم
حاجة الأمريكيين للسعادة والسلام الداخلي.
أما بالنسبة للسعادة،
فيقدم لنا الكاتب بعض الأسباب التي تجعل السعادة ممكنة و يستدل بنتائج أبحاث العالم
النفسي د.سيلجمان؛ فحسب الكاتب وقبل أبحاث د. سيلجمان ، قام علماء النفس بالبحث في كثير من جوانب النفس البشرية لكنهم أهملوا
البحث عن ما يحقق لهذه النفس الرضا و السعادة. ولقد توصل د. سيلجمان إلى بعض الاستنتاجات
المهمة، فبالنسبة إليه من بين الأسباب التي تحقق السعادة، الانخراط في عمل يحقق الرضا،
و تجنب الأحداث و العواطف السلبية، و إنشاء شبكة ثرية من العلاقات الاجتماعية، والزواج،
والامتنان، و التسامح و التفاؤل.
و يختم الكاتب هذه الفقرة بمقولة لفيكتور فرانكل، حيث يقول فيها أن الحياة ليست سعيا وراء قطعة الجبن ولكنها كالمتاهة المستديرة حيث الغاية هي الرحلة نفسها.
ويؤكد الكاتب على ضرورة التعامل مع مسألة الروحانية
والسعادة بجدية كبيرة فهي ليست مسألة يسيرة؛ لأنها تؤثر بشكل أساسي على صحتنا النفسية
و الجسدية و الاجتماعية و المهنية.
فعلى الصعيد الروحاني، فكثير من البحوث تبين أن الأشخاص الذين يؤمنون بأن لحياتهم غاية سامية
لا يعانون من الأمراض الناتجة عن التوتر، و لديهم مناعة أكبر من غيرهم لمواجهة بعض
أنواع الفيروسات الخطرة و السرطانات، كما أن الذين يواظبون على الصلاة وارتياد دور
العبادة يعيشون عمرا أطول ممن لا يفعلون. كما أنه في عالم الأعمال، يزداد عدد المشاريع
التي تهتم بالجانب الروحاني و منها صناعة الشموع، نوادي اليوغا و التأمل و غيره.
و يختم الكاتب هذه الفقرة بمقولة لفيكتور فرانكل، حيث يقول فيها أن الحياة ليست سعيا وراء قطعة الجبن ولكنها كالمتاهة المستديرة حيث الغاية هي الرحلة نفسها.
ملاحظة
في كل مرة يشرح فيها
الكاتب حاسة من الحواس السابقة يقترح على قرائه مجموعة من التمارين التي تمكنهم من
اكتساب و تنمية هذه الحاسة. و لقد آثرت عدم تلخيصها لأنها تمارين تطبيقية وأسماء كتب
ومواقع لا تحتمل التلخيص.
Rachida KHTIRA
Software Engineer at the Moroccan Ministry of
Finance.
Interests: Reading, travel and social activities.
|
سلام الله عليك أختي
ReplyDeleteأشجعك على المجهود الذي بذلته وأقدره ،فعلا هذا ما نلاحظه وهذا ما تسعى إليه أنفسنا من حيث ندري أو لا ندري، لم يعد الكم أو الكيف هو المبتغى بل روح الشيء ومعناه، فمثلا جانب العبادة وعليها مدار حياة المسلم قد نجد أنفسنا قد غرقنا في الاهتمام بالكيف أو الشكل وهع ذلك لا نستشعر تلك العبادة ولا نتذوقها لأن روح تلك العبادة غائب وهحل تلك الروح أو ذلك المعنى هو القلب إذا صلح وتنقى تجلت تلك المعاني في أبهى صورها حتى أنك تجد لذتها إنها لذة العبادة، أما إذا تكدر القلب وأصابه المرض انطمست تلك المعاني .ا
سلام الله عليك أختي
ReplyDeleteأشجعك على المجهود الذي بذلته وأقدره ،فعلا هذا ما نلاحظه وهذا ما تسعى إليه أنفسنا من حيث ندري أو لا ندري، لم يعد الكم أو الكيف هو المبتغى بل روح الشيء ومعناه، فمثلا جانب العبادة وعليها مدار حياة المسلم قد نجد أنفسنا قد غرقنا في الاهتمام بالكيف أو الشكل وهع ذلك لا نستشعر تلك العبادة ولا نتذوقها لأن روح تلك العبادة غائب وهحل تلك الروح أو ذلك المعنى هو القلب إذا صلح وتنقى تجلت تلك المعاني في أبهى صورها حتى أنك تجد لذتها إنها لذة العبادة، أما إذا تكدر القلب وأصابه المرض انطمست تلك المعاني .ا
شكرا لك سكينة على التعليق، و أنا أوافق الرأي تماما خصوصا في العبادة الكم والكيف دون روح و معنى هي عبادة ناقصة و يفوتنا منها الخير الكثير
ReplyDeleteلكن كما شرحه الكاتب وانا اتفق معه ان البحث عن المعنى في أمريكا ة الغرب بصفة عامة لم يظهر الا بعد عصر الوفرة حيث بدا الأنسان يتساءل عن معنى الأشياء
ففي العبادة لا يمكنك ان تتناقش مع شخص لا يمارسها أصلا او يفعلها من حين لأخر عن معانيها الدقيقة الا بعد ان يواظب عليها و يكثر منها و يجاهد نفسه على أدائها فانداك يمكن ان يتلمس شيئا فشيئا المعاني التي تضفي الروح و الجمال للعبادة و الله أعلم
This comment has been removed by a blog administrator.
ReplyDelete